النملة الكاذبة
صديق والدي يحكي له هذه القصة العجيبة .. يقول :
في أحد المرات كنت جالساً في البرية وأقلب بصري هنا وهناك ، أنظر إلى مخلوقات الله وأتعجب من بديع صنع الرحمن ..
ولفت نظري هذه النملة التي كانت تجوب المكان من حولي تبحث عن شيء لا أظن أنها تعرفه ... ولكنها تبحث وتبحث .. لا تكل .... ولا تمل ..
يقول وأثناء بحثها عثرت على بقايا جرادة .... وبالتحديد رجل جرادة ... وأخذت تسحب فيها وتسحب وتحاول أن تحملها إلى حيث مطلوب منها في عالم النمل وقوانينه أن تضعها .... هي مجتهدة في عملها وما كلفت به ... تحاول ... وتحاول ..
يقول : وبعد أن عجزت عن حملها أو جرها ذهبت الى حيث لا أدري واختفت .. وسرعان ما عادت ومعها مجموعة من النمل كبيرة وعندما رأيتهم علمت أنها استدعتهم لمساعدتها على حمل ما صعب عليها حمله .. فأردت التسلية قليلاً وحملت تلك الجرادة أو بالأصح رجل الجرادة وأخفيتها .... فأخذت هي ومن معها من النمل بالبحث عن هذه الرجل .. هنا وهناك ... حتى يئسوا من وجودها فذهبوا ..
لحظات ثم عادت تلك النملة لوحدها فوضعت تلك الجرادة أمامها .. فأخذت تدور حولها وتنظر حولها .. ثم حاولت جرها من جديد .. حاولت ثم حاولت .. حتى عجزت .. ثم ذهبت مرة أخرى ... وأضنني هذه المرة أعرف أنها ذهبت لتنادي على أبناء قبيلتها من النمل ليساعدوها على حملها بعد أن عثرت عليها ... جاءت مجموعة من النمل مع هذه النملة بطلة قصتنا وأضنها نفس تلك المجموعة .. !!
يقول : جاءوا وعندما رأيتهم ضحكت كثيراً وحملت تلك الجرادة وأخفيتها عنهم .... بحثوا هنا وهناك ... بحثوا بكل إخلاص .. وبحثت تلك النملة بكل مالها من همة .. تدور هنا وهناك .. تنظر يميناً ويساراً .. لعلها أن ترى شيئاً ولكن لا شيء فأنا أخفيت تلك الجرادة عن أنظارهم ....... ثم إجتمعت تلك المجموعة من النمل مع بعضها بعد أن ملت من البحث ومن بينهم هذه النملة ثم هجموا عليها فقطعوها إرباً أمامي وأنا أنظر والله إليهم وأنا في دهشة كبيرة وأرعبني ما حدث .. قتلوها .. قتلوا تلك النملة المسكينة .. قطعوها أمامي .... نعم قتلوها أمامي قتلت وبسببي ... وأضنهم قتلوها لأنهم يضنون بأنها كذبت عليهم !!
سبحان الله حتى أمة النمل ترى الكذب نقيصة بل كبيرة يعاقب صاحبها بالموت !!
__________________________________________________ __________________
يا رب ... يا رب ... أموت أنا ويعيش بابا **** التوقيع : رفات طفلة
استقيظت مبكرا كعادتي .. بالرغم من ان اليوم هو يوم أجازتي ,صغيرتي
ريم كذلك اعتادت على الاستيقاظ مبكرا, كنت اجلس في مكتبي مشغولة بكتبي
واوراقي.
ماما ماذا تكتبين ؟
اكتب رسالة الى الله.
هل تسمحين لي بقراءتها ماما ؟؟
لا حبيبتي , هذه رسائلي الخاصة ولا احب ان يقرأها احد.
خرجت ريم من مكتبي وهي حزينة, لكنها اعتادت على ذلك , فرفضي لها كان
باستمرار. مر على الموضوع عدة اسابيع , ذهبت الى غرفة ريم و لاول مرة
فارتبكت ريم لدخولي... يا ترى لماذا هي مرتبكة؟
ريم .. ماذا تكتبين ؟ زاد ارتباكها .. وردت: لا شئ ماما , انها اوراقي
الخاصة. ترى ما الذي تكتبه ابنة التاسعة وتخشى ان اراه؟!!
اكتب رسائل الى الله كما تفعلين... قطعت كلامها فجأة وقالت: ولكن هل
يتحقق كل ما نكتبه ماما؟
طبعا يا ابنتي فإن الله يعلم كل شئ..
لم تسمح لي بقراءة ما كتبت , فخرجت من غرفتها واتجهت الى راشد كي اقرأ
له الجرائد كالعادة , كنت اقرأ الجريدة وذهني شارد مع صغيرتي , فلاحظ
راشد شرودي .. ظن بأنه سبب حزني .. فحاول اقناعي بأن اجلب له ممرضة ..
كي تخفف علي هذا العبء.. يا الهي لم ارد ان يفكر هكذا .. فحضنت رأسه
وقبلت جبينه الذي طالما تعب وعرق من اجلي انا وابنته ريم, واليوم
يحسبني سأحزن من اجل ذلك.. واوضحت له سبب حزني وشرودي.
ذهبت ريم الى المدرسة, وعندما عادت كان الطبيب في البيت فهرعت لترى
والدها المقعد وجلست بقربه تواسيه بمداعباتها وهمساتها الحنونة. وضح
لي الطبيب سوء حالة راشد وانصرف, تناسيت ان ريم ما زالت طفلة , ودون
رحمة صارحتها ان الطبيب اكد لي ان قلب والدها الكبير الذي يحمل لها كل
>>هذا الحب بدأ يضعف كثيرا وانه لن يعيش لأكثر من ثلاث اسابيع , انهارت
ريم وظلت تبكي وتردد:
لماذا يحصل كل هذا لبابا ؟ لماذا؟
ادعي له بالشفاء يا ريم, يجب ان تتحلي بالشجاعة , ولاتنسي رحمة الله
انه القادر على كل شئ.. فانتي ابنته الكبيرة والوحيدة. أنصتت ريم الى
امها ونست حزنها , وداست على ألمها وتشجعت وقالت :
لن يموت أبي . في كل صباح تقبل ريم خد والدها الدافئ , ولكنها اليوم
عندما قبلته نظرت اليه بحنان وتوسل وقالت : ليتك توصلني يوما مثل
صديقاتي , غمرة حزن شديد فحاول اخفاءة وقال:
ان شاء الله سياتي يوما واوصلك فيه يا ريم.. وهو واثق ان اعاقته لن
تكمل فرحة ابنته الصغيرة..
\اوصلت ريم الى المدرسة , وعندما عدت الى البيت , غمرني فضول لأرى
الرسائل التي تكتبها ريم الى الله , بحثت في مكتبها ولم اجد اي
شئ..وبعد بحث طويل .. لا جدوى .. ترى اين هي ؟!! ترى هل تمزقها بعد
كتابتها؟ ربما يكون هنا .. لطالما احبت ريم هذا الصندوق, طلبته مني
مرارا فأفرغت مافيه واعطيتها الصندوق .. يا الهي انه يحوي رسائل كثيرة
وكلها الى الله!
\يا رب ... يا رب ... يموت كلب جارنا سعيد , لأنه يخيفني!!
- يا رب ... قطتنا تلد قطط كثيرة .. لتعوضها هن قططها التي ماتت !!!
يا رب ... ينجح ابن خالتي , لاني احبه !!!
- يا رب ... تكبر ازهار بيتنا بسرعة , لأقطف كل يوم زهرة واعطيها
معلمتي!!!
والكثير من الرسائل الاخرى وكلها بريئة...من اطرف الرسائل التي قرأتها
هي التي تقول فيها :
يا رب ... يا رب ... كبر عقل خادمتنا , لأنها ارهقت امي ..
يا الهي كل الرسائل مستجابة , لقد مات كلب جارنا منذ اكثر من اسبوع ,
قطتنا اصبح لديها صغارا , ونجح احمد بتفوق, كبرت الازهار , وريم تاخذ
كل يوم زهرة الى معلمتها ... يا الهي لماذا لم تدعوا ريم ليشفى والدها
ويرتاح من عاهته ؟؟!! .... شردت كثيرا ليتها تدعوا له .. ولم يقطع هذا
الشرود الا رنين الهاتف المزعج , ردت الخادمة ونادتني : سيدتي المدرسة
المدرسة !! ... ما بها ريم ؟؟ هل فعلت شئ؟ اخبرتني ان ريم وقعت من
الدور الرابع هي في طريقها الى منزل معلمتها الغائبة لتعطيها الزهرة
وهي تطل من الشرفة ... وقعت الزهرة ... ووقعت ريم ... كانت الصدمة
قوية جدا لم اتحملها انا ولا راشد ... ومن شدة صدمته اصابه شلل في
لسانه في لسانه فمن يومها لا يستطيع الكلام.
لماذا ماتت ريم ؟ لا استطيع استيعاب فكرة وفاة ابنتي الحبيبة... كنت
اخدع نفسي كل يوم بالذهاب الى مدرستها كأني اوصلها , كنت افعل كل شئ
صغيرتي كانت تحبه , كل زاوية في البيت تذكرني بها ,اتذكر رنين ضحكاتها
التي كانت تملأ علينا البيت بالحياة ...
\ومرت سنوات على فاتها, وكأنه اليوم . في صباح يوم الجمعة اتت الخادمة
وهي فزعة وتقول انها سمعت صوت صادر من غرفة ريم... يا الهي هل يعقل
ريم عادت ؟؟ هذا جنون ...
انت تتخيلين ... لم تطأ قدم هذه الغرفة منذ ان ماتت ريم.. اصر راشد
على ان اذهب وارى ماذا هناك..وضعت المفتاح في الباب وانقبض قلبي ...
فتحت الباب فلم اتمالك نفسي, جلست ابكي وابكي ... ورميت نفسي على
سريرها , انه يهتز.. آه تذكرت قالت لي مرارا انه يهتز ويصدر صوتا
عندما تتحرك , ونسيت ان اجلب النجار كي يصلحه لها ... ولكن لا فائدة
الآن ...لكن ما الذي اصدر الصوت .. نعم انه صوت وقوع اللوحة التي زينت
بآيات الكرسي , ةالتي كانت تحرص ريم على قراءتها كل يوم حتى حفظتها,
وحين رفعتها كي اعلقها وجدت ورقة بحجم البرواز وضعت خلفه, ياالهي
انها احدى الرسائل .....يا ترى , ما الذي كان مكتوب في هذه الرسالة
بالذات ..ولماذا وضعتها ريم خلف الآية الكريمة ..إنها احدى الرسائل
التي كانت تكتبها ريم الى الله ..
كان مكتوب :
يا رب ... يا رب ... اموت انا ويعيش بابا ...
اللهم احفظ لنا أولادنا .. و اجعلهم نافعين لنا بعد موتنا
__________________________________________________ __________________________
أيام لا تعود
حركت رأسي وأنا أنتزع ورقة التقويم هذه آخر ورقة في تقويم هذا العام
انتهت سنة كاملة من عمري ... دون أن أشعر
وهل عمري إلا عددا من السنوات كلما طويت واحدة أدنتني من القبر
وقفت أتأمل غروب شمس يوم كامل .... لن يعود
طويت صحائفه وحفظت .....
ماذا فيها ....؟
لكل بداية نهاية .... ولكل سبيل غاية الحمدالله الذي مد في عمري
كم من حبيب فقدنا ..... وكم من ميت دفنا
الحمد لله على طول الأعمار
تعالي يا زوجتي العزيزة ... أعرف أنك تفرحين بهذا النداء
أكيد ... ولكن الأمر أكبر من ذلك
هذه ورقة تحكي لك قصة عام كامل انتهى
تقدم لك العزاء ....
في عام تصرمت حباله .... وتقطعت أيامه
تعالي نستجمع قوانا ... علنا نستعيد دقيقة واحدة من عمرنا
هل نستطيــع ....
ساعات طوال أضعناها دون فائدة
مواسم خير مرت دون عمل .... عام مضى ... ولن نستطيع
إرجاع لحظة واحدة منه ... لن نقدر على أن نزيد في زمن مضى
تسبيحة واحدة ... أو تحميدة واحدة ...
لو تــأملــت .....
كم من الوقت مر دون فائدة ... لوجدت الكثير
لنتوقــف قــليــــلا .....
كل شيء عسى أن نسترجعه إلا الوقت
دعينا نحاسب أنفسنا ...
بعد طول استماع ... قالت ..
أنت لا تحاسب نفسك إلا كل سنة
أما تجارتك .... وعملك ... فكل يوم ألم تفكر في آخرتك ...؟
سكتت .. ولكنه أضاف
دعينا نحاسب أنفسنا حتى وإن تأخرنا لا يمنع ذلك ...
احمدي الله أنك لم تترملي بموتي ..
وأنت ..
احمد الله أني بجوارك أعينك على الطاعة ..
عام كامل ...
هناك من حفظ القرآن
كثير من لم تفته تكبيرة الإحرام مع الإمام
الكثير جعل همه رفعة الإسلام ... وعمل لذلك ...
في عام كامل ...
كم من استقام وتاب وأناب
ألا ترى من وطن نفسه وألزمها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
كيف لا ... وتركه كبيرة من الكبائر
الكثير يحاسب نفسه كل يوم
بل هناك من يحاسب نفسه قبل كل حركة ... وسكون وقول ..
إن رأى فيه خيرا أمضاه ... وإلا توقف عند حدود الله
بعد لحظات من التأمل كم تقرأ من القرآن كل يوم ...؟
كم كتابا في كل شهر تقرأ ..؟
أما المحاضرات ودروس العلم ...فلا نصيب لها من وقتك
بل أجبني ....
ماذا قدمت للمسلمين في مجالات كثيرة أين زكاة علمك ...
أين زكاة شبابك وصحتك
منذ شهور وأنت لم تزرهم
أسألتهم لماذا لم يحافطوا على الصلاة مع الجماعة ...
هناك كثير أنت غافل عنه وهناك أكثر أنت محاسب عليه
مع تتابع الأسئلة
سؤال طرق ذهني ... وهز قلبي
عام كامل أمهلك الله فيه ومد في عمرك ...
ماذا قدمت ...؟
وانتظرت الجواب وكان السكوت ...تركتني وحدي وورقة التقويم في يدي
جال في خاطري سؤال عجيب
أين أنا بعد مائة عام ...؟
أطرقت أفكر ...
ثم ما إن أقبلت حتى تردد صوتها أين ذهبت ...؟
قلت لها ... أين أنا بعد مائة عام ..؟
أنت تعرف أن القبر مسكنك ...
عمرك رأس مالك
ولسوف تسأل عن أنفاقك منه وتصرفك فيه
أنتم معشر الشباب ...
الكسل رفيقكم .... والهمة الضعيفة أنيستكم
كل من صلى وصام ... حسب أنه بلغ المنتهى
لا شك في وجوبها ... لكن
أليس للإسلام نصيب غير ذلك في قلبك
كل منكم يستطيع أن يقدم الكثير
أما لله والإسلام حق ...... يدافع عنه شبان وشيب
عاد سؤالها يهز قلبي ...
ماذا ستقدم في هذا العام ....؟!
الزمن القادم
للكاتب : عبدالملك القاسم
__________________________________________________ ____________________
يا أبي لا تصلي الفجر
قصة مؤثرة: قصة لطفل يدرس في الصف الثالث الابتدائي، فكم سيكون عمر ذلك الطفل..؟ في يوم من الأيام كان هذا الطفل في مدرسته وخلال أحد الحصص كان الأستاذ يتكلم فتطرق في حديثه إلى صلاة الفجر وأخذ يتكلم عنها بأسلوب يتألم سن هؤلاء الأطفال الصغار وتكلم عن فضل هذه الصلاة وأهميتها سمعه الطفل وتأثر بحديثه،
فهو لم يسبق له أن صلى الفجر ولا أهله... وعندما عاد الطفل إلى المنزل أخذ يفكر كيف يمكن أن يستيقظ للصلاة يوم غداً.. فلم يجد حلاً سوى أنه يبقى طوال الليل مستيقظاً حتى يتمكن من أداء الصلاة وبالفعل نفذ ما فكر به وعندما سمع الأذان انطلقت هذه الزهرة لأداء الصلاة ولكن ظهرت مشكلة في طريق الطفل.. المسجد بعيد ولا يستطيع الذهاب وحده، فبكى الطفل وجلس أمام الباب.. ولكن فجأة سمع صوت طقطقة حذاء في الشارع فتح الباب وخرج مسرعاً فإذا برجل شيخ يهلل متجهاً إلى المسجد نظر إلى ذلك الرجل فعرفه نعم عرفه أنه جد زميله أحمد ابن جارهم تسلل ذلك الطفل بخفية وهدوء خلف ذلك الرجل حتى لا يشعر به فيخبر أهله فيعاقبونه، واستمر الحال على هذا المنوال، ولكن دوام الحال من المحال فلقد توفى ذلك الرجل (جد أحمد) علم الطفل فذهل.. بكى وبكى بحرقة وحرارة استغرب والداه فسأله والده وقال له: يا بني لماذا تبكي عليه هكذا وهو ليس في سنك لتلعب معه وليس قريبك فتفقده في البيت، فنظر الطفل إلى أبيه بعيون دامعة ونظرات حزن وقال له: ياليت الذي مات أنت وليس هو، صعق الأب وانبهر لماذا يقول له ابنه هذا وبهذا الأسلوب ولماذا يحب هذا الرجل؟ قال الطفل البريء أنا لم أفقده من أجل ذلك ولا من أجل ما تقول، استغرب الأب وقال إذا من أجل ماذا؟ فقال الطفل: من أجل الصلاة نعم من أجل الصلاة، ثم استطرد وهو يبتلع عبراته لماذا يا أبي لا تصلي الفجر، لماذا يا أبتي لا تكون مثل ذلك الرجل ومثل الكثير من الرجال الذين رأيتهم فقال الأب: أين رأيتهم؟ فقال الطفل في المسجد قال الأب: كيف، فحكى حكايته على أبيه فتأثر الأب من ابنه واشعر جلده وكادة دموعه أن تسقط فاحتضن ابنه ومنذ ذلك اليوم لم يترك أي صلاة في المسجد... فهنيأ لهذا الأب،،، وهنيأ لهذا الابن،، وهنيأ لذلك المعلم
__________________________________________________ _____________________
وقتلت أخي "
أنهى " سامي " امتحان السنة الأولى المتوسطة بتفوق .. وقبل أن يعرف نتيجة امتحانه سأل والده قائلاً :
ما هي الهدية التي ستهديني إياها إذا نجحت هذا العام ؟"..
قال والدة بسعادة : عندما تحضر الشهادة وتكون ناجحاً سأوافق على سفرك مع خالك إلى الحبشة لتقضي إجازة الصيف هناك ..
لقد كان سامي أكبر الأولاد .. وقد أنجبته أمه بعد طول انتظار.. فنشأ بين والديه حبيباً مدللاً .. الجميع يسعون لإسعاده وتحقيق مطالبه وإدخال السرور على نفسه ..
لم ينم سامي تلك الليلة من الفرحة فقد كانت الأحلام الوردية تداعب مخيلته وفكره الطفولي البريء .. كيف لا ؟" .. وهو سيسافر لأول مرة إلى الحبشة وسيقضي فيها ثلاثة أشهر هي فترة الإجازة المدرسية .. وسيتمتع خلالها بكل جديد ..
وفي صباح اليوم الثالث لانتهاء أعمال الامتحانات .. خرج سامي بصحبة والده إلى المدرسة ليحضر الشهادة ..
غاب" سامي " داخل المدرسة دقائق .. بينما كان والده ينتظره في السيارة ..ثم عاد وهو يحمل الشهادة في يده .. وعلامات البشر تنطق من وجهه البريء .. وهو يهتف قائلاً : أبي " أبشرك لقد أخذت الترتيب الثاني على زملائي ..
ابتسامة عريضة سكنت على محيا والده .. وبدا الفرح جلياً في عينيه .. فحضنه الأب بفخر وفرح شديد وهو يقول :
ألف ألف مبارك يا سامي "".. بل مليون مبارك يا سندي ".. الحمد لله على توفيقه لك
وحان موعد السفر .. ودع سامي والديه وهو في غاية الزهو والسعادة .. وفي الطائرة التي ركبها سامي لأول مرة رأى علما جديداً .. ومتعة لم يتذوقها من قبل .. متعة فيها خليط من الخوف والبهجة معاً خصوصاً عندما سمع هدير الطائرة وهي تقلع عن أرض المطار لتحلق في الفضاء الواسع
..لقد كان كل شيء يشاهده و يسمعه جديداً بالنسبة له .. وشيئاً غريباً لم يألفه من قبل ..
وفي الحبشة رأى "سامي " بصحبة خاله عالماً جديداً آخر .. ومر هناك بعدة تجارب مثيرة .. وشاهد أشياء لم يشاهدها من قبل ..
ولكنه كان يلاحظ بين الفترة وأخرى .. وفي أوقات معينة أن خاله تنتابه حالة غريبة .. يضعف فيها جسده وتوازنه أحياناً .. يراه سعيداً ضاحكاً أحياناً .. ويراه في أحيان أخرى يتمتم بكلمات غير مفهومة "..
وتوصل سامي إلى السر في هذه التصرفات الغريبة .. إن خاله مدمن على شرب الخمر "..
ونمت في نفس سامي "غريزة "حب التقليد " .. ثم تحولت إلى رغبة في التجربة الفعلية .. فكان يحدث نفسه قائلاً :سأفعل مثله لأرى ما يحدث لي ؟" وبم يحس ؟" وكيف يكون سعيداً ؟"..
وشرب سامي الخمرة لأول مرة .. في البداية لم تعجبه .. ولكن رؤيته لخاله وحب التقليد الأعمى دفعاه إلى أن يجربها مرة وثنتين وثلاث حتى تعود عليها .. وأصبح مدمناً لها وهو لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره ..
وانتهت فترة الإجازة وعاد سامي بصحبة خاله إلى جدة .. وكان تفكيره منصباً على كيفية الحصول على الخمر والتمكن من تناوله .. ولكنه لم يستطع الحصول عليه بسهولة .. فقرر في النهاية أن الامتناع عنه نهائياً هو الحل الوحيد للمحافظة على نفسه ومستقبله فهو ما يزال طفلاً .. كما أنه فعل مشين حرمه الله ووضع عقابا ًصارماً لفاعله ..
وعاد سامي إلى حياته الطبيعية ونسي الخمر ..ومرت عليه ثلاث سنوات دون أن يفكر في شربه..
وفي نهاية السنة الرابعة قرر أهله السفر إلى الخارج .. لقضاء عطلة الصيف في إحدى الدول الأوربية .. وهناك في تلك الدولة .. استيقضت الرغبة الكامنة في نفسه لشرب المسكر .. وتجددت ذكريات أيام الحبشة ..فمضى الشيطان يزين له شرب الخمر .. فكان سامي ينتهز فرصة غياب أهله للخروج .. أو وقت نومهم .. ليتناول الخمر خفية ..
واستمر على تلك الحال حتى أدمن الخمر من جديد .. وأصبح لديه كالماء لا يستغني عنه..
وفي إحدى الليالي خرج "سامي " مع " فوزي " ابن خاله .. لقضاء السهرة في إحدى النوادي الليلية الأوربية .. وجلسا معا يحتسيان الخمر بعد أن أكلا ما طاب لهما من الطعام .. وهما ينصتان للموسيقى الصاخبة ..
وبينما هما على تلك الحال إذ أخرج "فوزي " من جيبه قطعة صغيرة سوداء وأخذ يستنشقها بهدوء ولذة .. وكأنه يقبل طفلاًَ رضيعاً .. وكان بين آونة وأخرى يتمايل يميناً وشمالاً ..
سأله سامي في فضول : ما هذه القطعة ؟" .. ولماذا تفعل ذلك ؟" ..
فضحك فوزي وقال : ألا تعرف ما هي ؟" إنها الحشيشة السوداء " .. إنها قمة اللذة العارمة ..
قال سامي هل من المعقول أن هذه القطعة تفعل كل هذا ؟" ..
قال " فوزي " إن ما قلته لك هو جزء من الحقيقة .. وعليك أن تجرب حتى تعرف الحقيقة بنفسك ..خذ .. جرب ..
ومد يده إلى سامي بالحشيشة السوداء "..
تناول سامي الحشيشة وأخذ يستنشقها .. وانتقل معها إلى عالم آخر من الزيف والوهم والضياع ..
لم يكن سامي يعلم أن هذه الحشيشة الصغيرة ستكون له بالمرصاد.. وإنها موت يطرق بابه كل يوم .. ويهدد مستقبله وصحته ..
لم تمض أيام حتى أصبح سامي مدمناً للحشيش..
فانقلبت حياته وساءت صحته واعتل فكره بسببها .. ونفدت نقوده وانتهت من أجلها ..
وعندما أنهى سامي تعليمه وحصل على الوظيفة .. بدأ يشعر بكراهية للناس وحب للابتعاد عنهم .. لقد كان يشعر في قرارة نفسه أن الجميع يعرفون سره .. وأن أحدا لم يعد يثق به .. أصبح عصبي المزاج .. كثير الانطواء .. ومضت ثمانية عشر عاما وهو أسير حشيشته السوداء رغم تقلبه في عدة وظائف للحصول على راتب أكبر يساعده على مصاريف الحشيش .. وكثرت مشاكله حتى مع أهله ..
وكان " سامي " يحس في قرارة نفسه أنه بحار ضائع في بحر لا ساحل له.. ولا سبيل للنجاة منه ..
عزم سامي على أن يبوح بالسر لأحد أصدقائه الأعزاء لعله يجد عنده ما يخلصه من هذا الجحيم الذي لا يطاق 00
وبالفعل ذهب إلى أحد أصدقائه القدامى 00 استقبله صديقه بفرح كبير وعاتبه على انقطاعه عنه ..
وأخبر سامي صديقه بكل ما جرى ويجري معه بسبب هذه الحشيشة
السامة .. وطلب منه المساعدة في التخلص من هذه الحشيشة القاتلة .. ولما انهى سامي حديثه بادره صديقه قائلاً
عندي لك ما ينسيك كل آلامك ؟" فقط عليك أن تمد يدك وتغمض عينيك وتنتظر لحظات ..
قال سامي باستغراب : ما ذا تقول ؟" .. أنا في حالة سيئة لا تستدعي المزاح و السخرية منك ..
قال الصديق أنا لا أمزح .. افعل ما قلته لك وسترى النتيجة ..
مد سامي يده وأغمض عينيه .. فتناول ذاك الصديق عضده وحقنه بحقنة .. حين فتح سامي عينيه كان صديقه ( الناصح ) قد انتهى من تفريغ حقنة " الهيروين" في جسمه ..
ومع بداية حقنة الهيروين كانت بداية رحلة ألم وعذاب جديدة بالنسبة لسامي .. ومن يومها أدمن " سامي " على الهيروين ولم يعد يستغني عنه .. وكان حين يتركه يشعر بآلام تنخر عظامه لا سبيل إلى تحملها ..
وصرف " سامي " كل ما يصرفه على الهيروين واستدان من أهله وأصدقائه وهو لا يعلمون عن الحقيقة شيئاً .. بل ورهن بيته ..
وعندما ساءت حالته الصحية دخل المستشفى .. وخرج منه بعد فترة ليعود للإدمان من جديد ..
لقد دخل المستشفى أكثر من مرة ولكن دون جدوى ..
وفي ذات ليلة لم يستطع مقاومة الآلام في جسمه بسبب الحاجة إلى الهروين .. ولم يكن لديه مال ليشتري به هذا السم القاتل .. ولكن لا بد من تناول الهيروين هذه الليلة مهما كان الثمن .. وكان والده آنذاك مسافرا ً
وكانت تصرفات سامي في تلك الفترة يغلب عليها الطابع العدواني .. الذي أفقده آدميته وإنسانيته ..
وكانت تلك الليلة الحزينة ليلة مقمرة بعض الشيء .. فخرج سامي من غرفته وقد عزم على أمر ما .. لقد عزم على سرقة شيء من مجوهرات أمه ليشتري بها الهيروين .. فهو لم يعد يطيق عنه صبرا ..
تسلل سامي بهدوء إلى غرفة والدته .. فتح دولا بها .. سرق بعض مجوهراتها ليبيعها ويشتري بها الهيروين ..
استيقظت الأم على صوت الدولاب .. رأت شبحاً يتحرك فصرخت بكل قوتها حرامي حرامي ..
اتجه ناحيتها وهو ملثم.. وأقفل فمها الطاهر بيده الملوثة بالخطيئة .. ثم قذف بها على الأرض .. وقعت الأم على الأرض وهي مرتاعة هلعة .. وفر سامي هارباً خارج الغرفة .
وفي تلك الأثناء خرج أخوه الأصغر على صوت أمه .. رأى شبح الحرامي فلحق به ليمسكه .. وبالفعل أمسكه ودخلا الاثنان في عراك وتدافع ..
لقد كانت اللحظات صعبة والموقف مريراً وعصبياً .. سينكشف أمر سامي لو أمسك به أخوه ..
وطعن سامي أخاه بالسكين في صدره ليتخلص منه ومن الفضيحة .. وفر هارباً بالمجوهرات ..
وكانت سيارة الشرطة تجوب الشارع في ذلك الوقت .. في دورية اعتيادية
فلا حظه الشرطي وهو يخرج من البيت مسرعاً .. يكاد يسقط على الأرض وفي يده علبة كبيرة .. فظنه لصاً .. فتمت مطاردته وألقي القبض عليه ..
نقل الابن الأصغر إلى المستشفى .. ولكنه فارق الحياة وأسلم الروح إلى بارئها متأثراً بتلك الطعنات الغادرة التي تلقاها جسده الطاهر من أقرب الناس إليه .. من أخيه الأكبر .. الذي طالما أكل معه وشرب معه ونام معه وضحك معه .. أهذا معقول ؟"
وعند فتح ملف التحقيق كانت المفاجأة المرة والحقيقة المذهلة .. المجرم السارق القاتل هو الابن "سامي " .. والضحية هما الأم والأخ .. والبيت المسروق هو بيتهم جميعاً ..
لم تحتمل الأم هذه المفاجاة والصدمة .. فسقطت مريضة على فراشها تذرف الدموع .. دموع الحسرة والندم والألم معا .. على ابنها " سامي " المدلل .. الذي ضاع مستقبله الدنيوي .. وأصبح في عيون الناس ابناً عاقاً ومجرماً ضائعاً ولصاً محترفاً ..
بكى سامي كثيراً .. وتألم وتحسر على ماضيه ..
لقد خسر كل شيء بسبب المخدرات ..
خسر دينه .. خسر وظيفته .. خسر صحته ..
خسر أسرته .. قتل أخاه .. خسر سمعته ..
نقل سامي إلى المستشفى للعلاج من الإدمان .. ولكنه مع ذلك سيظل متذكراً أنه قتل أخاه الأصغر .. وحطم حياته كلها بسبب المخدرات ..
فاعتبروا يا أولي الأبصار "
__________________________________________________ __________________
يتبع