وداعاً أجمل الأموات وداعاً
الشعور بالوحدة شيء قاتل، ولست أدري لم ينتابني شعور بأنني إنسانةغريبة في هذا العالم، وأشعر بأنني محصورة داخل صومعة مغلقة وأعيش في وحدة قاسية ووحشة موجعة. قد يكون هذا بسبب العزلة التي أعيشها كوني مقيمة بعيدة عن أهلي وخلاني الذين لا أراهم إلا بالسنة حسنة كما يقولون... عندما تسنح لي الظروف خلال إجازتي السنوية ولمدة أيام قليلة سرعان ما تنتهي لأعود بعدها إلى الكويت الحبيبة.
الأحداث التي مررت بها خلال الاسابيع الماضية جعلتني أكره ذاتي التي بت لا أعرفها، وعندما أقف أمام أرى شيئا غريبا لا أفهمه ولا تشعر به نفسي، وأجد بكياني ما تكنه أعماقي، وللأسف وحدتي هذه جعلتني لا أجد حولي من يفهم كلمة واحدة من لغة نفسي، فوفاة شقيقي أصابتني بصدمة قوية لم تقدر صحتي على تحملها، وخصوصاً أن الظروف حرمتني من رؤياه، وحالت بي أقدار الدنيا من الوصول إلى دياره "إيرلندا" لاستكمال إجراءات دفنه وتوديعه الوداع الأخير. الغربة ببلاد الغرب شيء تعيس ومؤلم قاتل، وكنوز الدنيا وأموالها لا تساوي معاناة البعد عن الأهل والأحباب، وقسوة الظروف هي التي جعلتني أقول هذا، ومحاولتي البائسة الفاشلة من أجل الحصول على تأشيرة دخول إلى إيرلندا للوقوف على إجراءات مراسيم دفن جثمان أخي بلا فائدة، فالقوانين والأنظمة الصارمة المعمول بها تجاه العرب حالت دون وصولي إليه.
ولأضمك بأحضاني للمرة الأخيرة، ولأشم رائحتك الزكية وأنت تفارقنا لمقابلة المولى الكريم عز وجل، فليرحمك الله برحمته الواسعة وأرجو أن يسكنك فسيح جناته، ويتلطف بك. وأعدك بأن صدى صوتك سيقى يصدح بأدني من خلال شريط الكاسيت الذي سجلناه سوياً قبل عشرين عاماً، وعند كل مساء سأغمض عيني باستمرار لأشعر بروحك الطاهرة وهي تحوم حولي وترعى خطواتي الآن وغداً وسأقرأ لك القرآن الكريم باستمرار لتهدأ نفسك وترقد بسلام. وداعاً يا أجمل الأموات وداعاً.