أثناء الطلاق
لحظة الطلاق هي لحظة مروعة، فهي شهادة وفاة لعلاقة زوجية طال مرضها أو اشتد، ولهذا فهي تموج
بمشاعر سلبية هائلة مثل الغضب والحزن والضيق والخوف واللوم وأحيانا الرغبة في الثأر
والانتقام، .وقد يدخل الأطفال كوقود في معركة الطلاق، وقد يترك ذلك جروحا نفسية لا تلتئم أبدا بعد
ذلك، فإذا كان قد بقي لدى الزوجين المتنازعين قدر من البصيرة فإننا نقول لهما:
1- لا تعتبرا الطلاق صفقة تحاولان الحصول فيها على أكبر مكسب.
2- حين تتنازل عن بعض حقوقك للطرف الآخر في سبيل الحفاظ على الحد الأدنى من العلاقة الجيدة
فأنت الرابح لنفسك ولأطفالك.
3- تذكرا أنه بالرغم من انتهاء علاقتكما كزوجين بالطلاق فإن ثمة علاقة أخرى باقية بينكما وهي
أبوتكما المشتركة لأبنائكما، وهذا يستدعي الإبقاء على قدر من الود والاحترام يسمح بالتواصل من أجل
مصلحة الأبناء.
4- لا تضعا أبناءكما كوقود في محرقة الصراع الزوجي مهما كانت استفزازات الطرف الآخر.
5- إذا بالغ الطرف الآخر في التعدي، وحاول استخدام الأطفال، فلا مانع من طلب المساعدة من طرف
ثالث يتسم بالحكمة والقدرة على ضبط الأمور.
6- تمسك (تمسكي) بهدوئك قدر الإمكان لحظة الطلاق، ولا تدع غضبك يدفعك إلى قطع كل حبال الود
مع الطرف الآخر أو مع عائلته.
7- لا تلجأ (تلجئي) لأساليب غير شريفة لتوريط الطرف الآخر في إشكالات قانونية أو إجرائية، ولا
تلتفت لإغراءات بعض المحامين أو بعض الأقارب أو المعارف لفعل ذلك، فالخسارة بشرف أكرم
وأفضل من الكسب بنذالة أو تزوير أو افتراء.
بعد الطلاق
يفقد الأولاد بعد الطلاق فرصة النمو النفسي والتربوي الطبيعي، فالولد يحتاج لأبيه كي يتوحد معه
كنموذج للرجل، ويحتاج لأمه كي ينشأ في نسيجه النفسي ذلك الجزء الأنثوي الذي يشعره بالأنثى
ويُنجحه في التعامل معها، والبنت تحتاج لأمها كي تتوحد معها كنموذج للمرأة، وتحتاج لأبيها كي ينشأ
في نسيجها النفسي ذلك الجزء الذكوري الذي يشعرها بالرجل ويُنجحها في التعامل معه.. وكل الجهود
والمحاولات التي تبذل سوف يكون غاية مرادها التقليل من آثار الطلاق وليس منعها، إذ لا يملك أحد
هذا المنع.
وهنا نشير إلى عدة توصيات يلتزم بها الأبوان، أو يلزمهما بها الحكمان من العائلتين أو الاختصاصي
النفسي أو الاجتماعي أو القاضي إذا لزم الأمر، وهذه التوصيات نوجزها فيما يلي:
1- استبقاء علاقة الأطفال بوالديهم قدر الإمكان، وعلى فترات قريبة، وذلك لضمان استكمال وتوازن
البناء النفسي والتربوي للأطفال.
2- عدم لجوء أحد الطرفين لتشويه الطرف الآخر أمام الأطفال، فهذا سلوك يدل على الخسة وسوء
الخلق وضعف الثقة بالنفس، فضلا عن أثره المدمر على الطفل، والذي يريد أن يحب ويحترم أمه وأباه،
وأن انهيار صورة أحدهما يحدث انهيارا مقابلا في نفس الطفل.
وإذا كان أحد الطرفين يفعل ذلك بوعي أو بدون وعي، ببراءة أو بخبث، فلينبهه الطرف الآخر، ولا
يستدرج هذا الطرف لفعل مماثل، بل يلتزم الهدوء والعقلانية والنبل والشرف، حتى لا تنهار صورة
الأبوين معا، ومع الوقت سيعرف الأطفال حقيقة الطرفين.
3- إبقاء الأطفال في مسكنهم الذي اعتادوا عليه، وفي نفس مدارسهم، وفي نفس ناديهم، وأن تستمر
علاقاتهم بأصدقائهم وبأفراد العائلتين.
4- المحافظة على المستوى المادي الذي عاشه الأطفال.
5- إتاحة الفرصة لوجود الأب والأم في المناسبات المختلفة التي تهم الأبناء؛ تفاديا لشعور الأطفال
بالضياع أو الفقد أو النقص.
6- الحفاظ على السلطة الوالدية للطرفين (الأب والأم)، وألا يلجأ أحد الطرفين لتهميش دور الآخر أو
إلغائه.
7- في حالة اختفاء الأب أو الأم من حياة الأطفال بعد الزواج (طوعا أو كرها) فالأمر يحتاج إلى تعويض
دور الطرف الغائب، ويقوم بذلك أحد أفراد العائلة التي يقيم في كنفها الأطفال كالعم أو الخال أو العمة أو
الخالة أو الجد أو الجدة.
وقد يقول قائل: إذا كنا سنحتاج إلى كل هذه التوصيات والجهود لنتفادى الآثار الضارة للطلاق على
الأبناء، فلماذا لا نضغط على الزوجين ونمنع الطلاق.. وهذا قد يبدو حلا مريحا ومفضلا لدى من يتعامل
وهو خارج إطار المشكلة الزوجية، ولكن الأمر في النهاية يخضع للتوفيق بين احتياجات الطرفين
المتصارعين غير المتوافقين من جهة، واحتياجات الأبناء من جهة أخرى، والوصول إلى حالة من
التوازن المعقول والواقعي بين الاحتياجات المختلفة.
وقد يترك الأمر بين الزوجين العاقلين الناضجين لعمل هذه التوفيقات المتوازنة، أما في حالة فقدان
القدرة على ذلك، وفي حالة التورط في الصراع إلى درجة فقدان الرؤية والبصيرة، فإن التدخل
الإصلاحي العائلي أو الاجتماعي أو المتخصص أو القانوني لجدير بتخفيف حدة الصراع، ووضع
الضوابط الآمنة له للحفاظ على سلامة ومصالح كل الأطراف.
.................
م:ن